ورغم المطالبات البرلمانية المتكررة بوضع خطط واضحة لتطوير البنية الصحية، لا تزال أكثر من ٧٠ مستشفى حكومي تعاني من الجمود، نتيجة نقص التمويل وتعقيدات إدارية، وسط اتهامات مباشرة لوزارة الصحة بهدر مئات المليارات دون نتائج ملموسة، بحسب بيانات وزارة التخطيط.
من جهتها، تدافع وزارة الصحة عن أدائها، مشيرة إلى وجود أكثر من ٤٠٠ مستشفى حكومي وآلاف المراكز الصحية المنتشرة في المحافظات، إضافة إلى مئات المراكز التخصصية. ويؤكد المتحدث باسم الوزارة، سيف البدر، أن "كفاءة النظام الصحي لا تُقاس بعدد المؤسسات فقط، بل بجودة الرعاية وتنوع مستوياتها".
ويضيف البدر في حديثه لوكالة شفق نيوز أن الوزارة نجحت في زيادة عدد الأسرة الطبية وافتتاح مستشفيات جديدة، وتسعى لتطوير الرعاية الصحية الأولية، باعتبارها خط الدفاع الأول في الوقاية والكشف المبكر، مشددًا على أهمية التثقيف الصحي كجزء أساسي من المنظومة.
وفيما يخص المناطق النائية، يشير البدر إلى مشروع "المستشفيات الصينية"، الذي يتضمن إنشاء ١٦ مستشفى بسعة ١٠٠ سرير لكل منها، وقد بدأ العمل فعليًا في هذه المشاريع، وسط آمال بتخفيف الضغط عن المراكز الكبرى.
في المقابل، يكشف المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، عن تشكيل لجنة حكومية عليا برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط محمد تميم، لمعالجة ملف المستشفيات المتوقفة. ووفقًا للهنداوي، أعيد العمل في عدد كبير من هذه المشاريع، وتم إنجاز أكثر من ١٥ مستشفى، بينها ٣ بسعة ٤٠٠ سرير نفذتها شركة تركية ودخلت الخدمة مؤخرًا.
ورغم هذه الجهود، يعبّر عضو لجنة الصحة النيابية، باسم الغرابي، عن استيائه من غياب رؤية حكومية واضحة لمعالجة الأزمة، مشيرًا إلى حاجة العراق لأكثر من ٩٥ مستشفى جديد لسد النقص الحاد، خصوصًا في محافظات الوسط والجنوب، حيث تعاني المستشفيات من تقادم وتدهور فني.
ويؤكد الغرابي أن أكثر من ٥٠ مستشفى قيد الإنشاء توقفت بسبب ضعف التخصيصات المالية، رغم وصول بعضها إلى نسب إنجاز تفوق ٧٠%. ويرجع أسباب الإخفاق إلى سوء الإدارة، غياب الرقابة، ضعف الكفاءة لدى بعض الكوادر، وفشل الدولة في جذب الاستثمار الصحي، الذي انصب على المجمعات السكنية، تاركًا القطاع الصحي في حالة إهمال.
أما عضو لجنة النزاهة النيابية، باسم خشان، فيكشف عن ملفات فساد ضخمة داخل وزارة الصحة، لا تقتصر على مشاريع البناء، بل تشمل صفقات ومشتريات طبية بمبالغ طائلة. ومن أبرز الأمثلة صفقة "أقنعة الحالات الحرجة" التي كلفت الدولة نحو ١١٦ مليار دينار، وصدر فيها أحكام قضائية دون استرداد الأموال، نتيجة شمول المتورطين بقانون العفو العام وامتناع الوزارة عن المطالبة بحقوقها.
ويختتم خشان حديثه بالإشارة إلى شبهات فساد تحيط بـ"الشركة العامة لشراء المستلزمات الطبية"، في ظل غياب المعالجات الجدية، وبيئة تشريعية أتاحت للفاسدين الإفلات من العقاب، ما أدى إلى استمرار نزيف الأموال وتراجع الخدمات الصحية.