السيد الامين العام للامم المتحدة...
السيد جون آش رئيس الجمعية العامة للدورة ٦٨
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي.. رؤوساء الوفود...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
يسعدني الاشتراك معكم في هذه الدورة لمناقشة موضوع مهم وحيوي الا وهو التنمية المستدامة لما بعد ٢٠١٥ التي نرجو ان يكون تحقيق اهدافها متاحاً لنا جميعاً.
ان العراق، وبعد أن تجاوز آلاثار الخطيرة التي خلفتها السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام السابق، والتي لم تكن مبنية على اسس علمية بل على أهواء النظام الشخصية الطائشة، قد سعى الى ترجمة ما اتفق عليه قادة العالم عام ٢٠٠٠ من اهداف انمائية الى ممارسات عملية ملموسة من خلال تبني خطط واستراتيجيات
وقوانين توفر الاليات المناسبة لتحقيق جوهر التنمية المستدامة القائم على التكامل بين الابعاد الثلاث (الاقتصادية والبيئية والاجتماعية) فعلى مستوى السياسات المالية والنقدية عمل العراق على زيادة التدفقات المالية للموازنة العامة والتي يتوقع لها ان تناهز الـ(١٥٠) مليار دولار في عام ٢٠١٥، وسيكرس (٤٠%) منها للنفقات الاستثمارية الضرورية لتوفير الخدمات والبنى التحتية الاساسية وتعزيز دور الاقتصاد العراقي.
كما حقق العراق نمواً مطرداً في القطاعات الاقتصادية من خلال خطة التنمية (٢٠١٣-٢٠١٧) بيّد ان النفط ما يزال هو المحرك الاساسي لبقية القطاعات نتيجة لما يمتلكه العراق من ثروة نفطية وغازية كبيرة تتعدى تقديراتها المحتملة الاحتياطات المؤكدة بفارق كبير جداً.
حيث يصل الاحتياطي المحتمل القابل للاستخراج من النفط الى ٢٥٠ مليار برميل ومن الغاز الى اكثر من ٢٥٠ ترليون قدم مكعب.
ونتوقع ان يتضاعف الانتاج النفطي مع نهاية خطة التنمية ٢٠١٣-٢٠١٧ مع زيادة مضطردة في صادرات النفط ستصل الى حوالي ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمسين الف برميل يومياً عام ٢٠١٥.
لذلك ركزت خطة التنمية ٢٠١٠-٢٠١٤ على الاستدامة البيئية والاقتصاد الاخضر في العراق حيث تم تحديد الاهداف الاستراتيجية لهذه الخطة ولخطة التنمية الوطنية ٢٠١٣-٢٠١٧ والتي اقرت مؤخراً من قبل مجلس الوزراء ومن تلك الاهداف:-
• تبني استراتيجية التخفيف من الفقر كأحد عناصر تحقيق التنمية المستدامة حيث انخفض معدل الفقر من ٢٣% عام ٢٠٠٧ الى ١٩% عام ٢٠١٢ ومن المؤمل ان يصل الى ١٦% عام ٢٠١٧.
• تخفيض معدل البطالة من ١٥% عام ٢٠٠٧ الى ١١% عام ٢٠١٢ على ان ينخفض الى ٦% عام ٢٠١٧.
• ارتفاع متوسط دخل الفرد من ٣٠٠٠ دولار عام ٢٠٠٩ الى حدود ٦٠٠٠ دولار عام ٢٠١٢ بمعدل نمو سنوي قدره ١٥,٩% وبما ينعكس رخاءاً اقتصادياً ملحوظاً.
• نعمل على تخفيض معدل وفيات الاطفال الرضع الى ١٨حالة لكل ١٠٠٠ ولادة عام ٢٠١٧ بعد ان تم تخفيضها من ٣٢ حالة عام ٢٠١١ الى ٢٢ حالة عام ٢٠١٣ كما تهدف الخطة الى تخفيض وفيات الاطفال دون الخامسة من العمر الى ٢٤ حالة لكل ١٠٠٠ طفل عام ٢٠١٧ بعد ان انخفضت من ٣٧ حالة عام ٢٠١١ الى ٢٨ حالة عام ٢٠١٣.
• رفع نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية الى ٩٥% عام ٢٠١٧ بعد ان كانت ٩٢% عام ٢٠١٢.
• زيادة نسبة الالتحاق بالمدارس الثانوية الى ٤٠% والجامعية الى ٢٠%.
• الحد من التصحر من خلال التوسع في استصلاح الاراضي المتملحة حيث تم استصلاح حوالي ٤ ملايين دونم ومن المؤمل استصلاح ٢,٥ مليون دونم اضافي في نهاية الخطة.
• استخدام التقنيات الحديثة في الري وزيادة الطاقة الخزنية للموارد المائية والتركيز على الاستغلال الاقتصادي للمياه.
• تقليل كمية الغاز المحترق المصاحب لأنتاج النفط حيث سيتم استثماره بالكامل في عام ٢٠١٥.
• البدء بتنفيذ برنامج اسكان الفقراء وذوي الدخل المحدود حيث سيتم توفير مليون وحدة سكنية في نهاية الخطة.
• الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية حيث سيصل الانتاج عام ٢٠١٥ الى ٢٢٠٠٠ الف ميكا واط اي بفائض اكثر من الاستهلاك وقت الذروة بحدود ١٥% بينما كان انتاج الطاقة الكهربائية عام ٢٠٠٣ بحدود ٢٥٠٠ ميكا واط.
السيدات والسادة...
نرى من الضروري التأكيد في هذه الدورة على امور هامة منها:
• الدعوة الى تعزيز التعاون الدولي، ولاسيما تعاون جنوب – جنوب، كما ندعو المجتمع الدولي الى الايفاء بالتزاماته التي تعهد بها من اجل تحقيق التنمية المستدامة.
• تسهيل عملية نقل التكنولوجيا الى الدول النامية لتقليص الفجوة بين هذه الدول والعالم المتقدم والمساهمة الجادة في معالجة المشاكل الناتجة عن الاحتباس الحراري وتغيير المناخ.
• معالجة المشاكل الناجمة عن ندرة المياه والتي نتج منها عدم الاستقرار في بعض مناطق العالم والتأكيد على ضرورة تحديد الحصص المائية العادلة بين الدول المتشاطئة على الانهار الدولية.
• تقديم دعم خاص للشعوب التي تعاني من النزاعات الدولية والعقوبات الاقتصادية والتي تشكل عوائق كبيرة تحول دون تحقيق التنمية المستدامة فيها.
• المضي في وضع المعالجات المناسبة للضغوط الناجمة عن انماط الانتاج والاستهلاك غير المستدام خاصة في مجالات ازالة الغابات وندرة المياه والنفايات الغذائية وانبعاثات الكربون المرتفعة.
• بناء مؤسسات فاعلة وخاضعة للمسائلة وتشجيع سيادة القانون وحقوق الملكية وحرية التعبير والاعلام وتحقيق العدالة ومحاربة الفساد.
• ان تكون خطة ما بعد ٢٠١٥ مدعومة بروح جديدة من المسؤولية التضامنية والتعاون والتكامل تبنى على فهم مشترك لأنسانيتنا وعلى الاحترام المتبادل وضم المزيد من المشاركين من فقراء ونساء ومجتمع مدني وحكومات محلية واوساط اكاديمية ومؤسسات خيرية.
• الدعوة الى ضرورة اضطلاع الحكومات بدور رائد في مجال التعليم والحاجة الى الاعتراف بان توفير التعليم هو مسؤولية مشتركة بين الاسر والمجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني ومن ثم مساهمة الجميع في تحسين اساليبه وتطويرها.
• ان تكون من اولويات اهداف التنمية المستدامة لما بعد ٢٠١٥ القضاء على العنف ضد المرأة والمساواة بين الجنسين في العمل اللائق ومواقع صنع القرار والاجور لتحقيق امن اقتصادي واجتماعي شامل، والتعاون والتكامل الدولي في معالجة قضايا التنمية المستدامة ومحاربة الفقر المدقع.
• التأكيد على اهمية المعايير القائمة في مجال حقوق الانسان بالحق للمتضررين في توافر وسائل التعويض والانصاف في حالات انتهاك حقوق الانسان.
• نتطلع الى ان ينجز الفريق العامل المنبثق عن مؤتمر ريو +٢٠ المعني بتمويل التنمية عمله، وان يضع الاسس السليمة في مجال تمويل اهداف التنمية المستدامة، والاجندة الانمائية لما بعد ٢٠١٥، بشكل مستدام وقابل للتنبؤ.
ولا بد لي هنا أن أؤكد امامكم ايها السيدات والسادة أن لا تنمية مستدامة قبل عام ٢٠١٥ ولا بعده مع وجود ارهاب منظم مستهتر بدماء الابرياء وارواحهم قد تبنّى التطرف منهجاً واحترف الموت صناعةً والعنف سبيلاً والكراهية ثقافة والقتل العبثي
والعشوائي لهواً وهواية وهو ما يدعو العالم كله الى موقف عملي وعلمي صارم لمواجهة هذه الهجمة الوحشية الشرسة المجنونة والمتفاقمة وذلك عبر تعاون دولي يجفف منابع الارهاب المالية والفكرية والتسليحية ليخلص البشرية من ويلاته وينقذ الكون من اثاره واخطاره واضراره كما نؤكد ان لا تنمية مستدامة وطبول الحرب تقرع في اكثر من مكان من عالمنا لانه لا يمكن ان تجتمع معاني السلم والتنمية والحياة مع ارادة الموت والحروب والإبادات كما لا يمكن ان تتحقق تنمية في ظل انعدام الامن والسلام وبالتالي فلا استقرار سياسي ولا تنمية اجتماعية بلا تعايش سلمي وبلا استقرار امني يتفيأ الأدميون ظلاله. وانطلاقاً من هذا الفهم تأتي صيحات العراق ومبادراته الداعية الى الحل السلمي في كل ارض تُشم فيها رائحة الموت والبارود وتشاهد فيها مناظر الدمار والدماء لأن منطق القوة لا يمكن ان ينتج سلماً ولا يمكن لأدوات الموت وطاحونة الحرب ان تصنع أمناً او تخلق تنمية او نمواً.
ومن هنا فأننا في العراق الذي عانى شعبه الكثير من ويلات الحروب التي تسبب بها طيش النظام الصدامي البائد وحماقاته نشعر بقلق بالغ جراء تفاقم الاحداث وتوتر الاوضاع على حدودنا في سوريا التي تربطنا بها حدود طويلة تزيد على ٦٠٠ كم لذلك نرى ان استمرار النزاع المسلح والحرب هناك يشكلان تهديداً جدياً لأمننا واستقرارنا وسلامة ارضنا وشعبنا من هنا نصرَ على طرح مبادرتنا لحل الأزمة السورية سلمياً تحاشياً لكارثة انسانية مدمرة بجوارنا وعلى حدودنا قد تضيع كل ما نطمح وتطمحون اليه في منطقتنا الحيوية من تنمية واستقرار وازدهار لذلك ادعوكم جميعاً ايها السيدات والسادة لدعم المبادرة العراقية خدمةً للسلم والأمن والاستقرار والازدهار وإلا فالمنطقة متجهة نحو المجهول وهي تعيش هواجس حرب اقليمية واسعة النطاق قد تبدأ او تبدو شرارتها صغيرة ولكن لا أحد يعرف مدياتها ولا اتجاهاتها ومساراتها ولا زمان نهاياتها وبالتالي فلا تنمية مستدامة ولا استقراراً مرجواً ولا ازدهاراً مؤملاً في منطقة هي بالأساس هشة ورخوة كما هي متفجرة ومعقدة تلك هي رسالة العراق حكومةَ وشعباً لكم.
السيد الرئيس...
لقد اتسمت سياسة العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري، بإنتهاج الاليات الديمقراطية سبيلاً وحيداً للتداول السلمي للسلطة وآمنت بالانسان وحريته وكرامته وحقوقه، كما تبنت سياسة الابواب المفتوحة في علاقاتها الخارجية مع العالم أجمع وهي تبحث عن المشتركات وتتجاوز مواضع الخلاف عبر مبدأ الحوار الايجابي القائم على العدل والمشاركة المسؤولة مع دول الجوار والاقليم والمنطقة والعالم، كما تؤمن ايماناً عميقاً بنجاعة الحلول السلمية لكل المشكلات الراهنة بين الشعوب والدول والحكومات وترفض العنف والارهاب والعدوان اياً كان مصدره وتدعو داخلياً الى التسامح والمصالحة الوطنية والتعاون على الخير والبر تحقيقاً للتعايش الاهلي والسلم الاجتماعي والاستقرار والازدهار. وهذا ما تبناه المؤتمر الوطني للسلم الاجتماعي الذي عقد مؤخراً في بغداد ووقع عليه وعلى وثيقة الشرف الوطني جُل قادة العراق ورموزه الوطنية.
السيدات والسادة...
لقد عانى العراق خلال اكثر من عقدين من الزمن من عقوبات دولية بسبب اجتياح النظام السابق دولة الكويت الشقيقة، وقد استطاع العراق الجديد من خلال تعاونه مع المجتمع الدولي من جهة وعبر تطوير علاقاته الاخوية مع الجارة الكويت من تجاوز آثار تلك العقوبات والعمل سوية مع مجلس الامن باعتماد القرار الدولي المرقم ٢١٠٧ في ٢٧/٩/٢٠١٣ والقاضي بإخراج العراق من الفصل السابع وبذلك اصبحت الازمات والمشاكل التي عانى منها البلدان الشقيقان العراق والكويت جزءا من الماضي، ونحن نتطلع اليوم الى الامام لبناء الحاضر ليكون منطلقاً واساساً متيناً لمستقبل زاهر لأجيالنا سوف تنعكس اثاره الايجابية على المنطقة برمتها.
السيد الرئيس...
ان ايماننا بالاخوة الانسانية لا يمنع من ان يجعلنا منحازين بالحق للمظلومين والمحرومين والمستضعفين ومتضامنين مع قضايا أبناء امتنا العربية والإسلامية العادلة
رافعين اصواتنا في الدفاع عن حقوقهم وانسانيتهم وقضاياهم وفي مقدمة هؤلاء ابناء الشعب الفلسطيني الذين مازالوا يعانون من قهر منظم واستيطان متواصل يسطو على حقوقهم ويهدد هويتهم ووجودهم وهو ما يدعو العالم ومؤسساته الدولية لممارسة دورها ومسؤوليتها في الانتصار لشعب لا يطالب بغير الحق والحرية والعدالة والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية القادرة على الحياة. وبدونها ستبقى منطقة الشرق الاوسط عرضة للتوتر وعدم الاستقرار.
ومن اجل ان تعيش منطقة الشرق الاوسط بسلام وتنعم بالأمن، فإننا نؤكد الدعوة لأنشاء منطقة شرق اوسط خالية من الاسلحة النووية مع التأكيد على ضرورة عقد مؤتمر هلسنكي المعني بإنشاء هذه المنطقة بأسرع وقت ممكن، لأن فشل الجهود الدولية في هذا المجال سيؤثر سلباً على مصداقية معاهدة عدم الانتشار النووي، الأمر الذي سيؤدي الى سباق التسلح مما يزيد من وتائر العنف والتوتر والاحتقان.
الاخوة والاخوات...
لما كانت الامم المتحدة هي الاطار المتفق عليه ليكون ميداناً للتعاون الدولي نتوصل جميعاً من خلاله الى معالجة المشاكل والتحديات التي تواجهنا عبر المفاوضات متعددة الاطراف، فإننا نعتقد ان الوقت قد حان لأصلاح هيئاته وفي المقدمة منها مجلس الامن باعتباره الهيئة الاولى المعنية بالسلم والامن الدوليين لكي يكون منسجماً مع تطلعات شعوب العالم في القرن الحادي والعشرين واكثر تمثيلاً وشفافية ومصداقية وقدرة على مواجهة التحديات.
ايها السيدات والسادة...
اغتنم هذه الفرصة لأعبر لكم نيابة عن الشعب العراقي عن جزيل الشكر وفائق التقدير لكل الذين ساهموا في مساعدة العراق للخروج من اعباء الفصل السابع متمنياً لشعوب العالم اجمع حياة حرة، كريمة، آمنة، مطمئنة ومستقبلاً واعداً صاعداً وراغداً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...